القادر المقتدر
الفرق بين الاسمين أن المقتدر أبلغ من القادر ،
وكل منهما يدل على القدرة ،
والقدير والقادر من صفات الله عز وجل ويكونان من القدرة ،
والمقتدر ابلغ ،
ولم يعد اسم القدير ضمن الأسماء التسعة وتسعين
ولكنه ورد في آيات القرآن الكريم أكثر من ثلاثين مرة
والله القادر الذي يقدر على أيجاد المعدوم وإعدام الموجود ،
أما المقتدر فهو الذي يقدر على إصلاح الخلائق على وجه لا يقدر عليه غيره فضلا منه وإحسانا
المقدم المؤخر
المقدم لغويا بمعنى الذي يقدم الأشياء ويضعها في موضعها ،
والله تعالى هو المقدم الذي قدم الأحباء وعصمهم من معصيته ،
وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بدءا وختما ،
وقدم أنبياءه وأولياءه بتقريبهم وهدايتهم ،
أما المؤخر فهو الذي يؤخر الأشياء فيضعها في مواضعها ،
والمؤخر في حق الله تعالى الذي يؤخر المشركين والعصاة
ويضرب الحجاب بينه وبينهم ،
ويؤخر العقوبة لهم لأنه الرؤوف الرحيم ،
والنبي صلى الله عليه وسلم غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
ومع ذلك لم يقصر في عبادته ،
فقيل له ألم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر
فأجاب : ( أفلا أكون عبدا شكورا ) ،
وأسماء المقدم والمؤخر لم يردا في القرآن الكريم ولكنهما من المجمع عليهما
الأول الآخر
الأول لغويا بمعنى الذي يترتب عليه غيره ،
والله الأول بعني الذي لم يسبقه في الوجود شيء ،
هو المستغنى بنفسه ،
وهذه الأولية ليست بالزمان ولا بالمكان
ولا بأي شيء في حدود العقل أو محاط العلم ،
ويقول بعض العلماء أن الله سبحانه ظاهر باطن في كونه الأول
أظهر من كل ظاهر لأن العقول تشهد بأن المحدث لها موجود متقدم عليها ،
وهو الأول أبطن من كل باطن لأن عقلك وعلمك محدود بعقلك وعلمك ،
فتكون الأولية خارجة عنه ،
قال إعرابي للرسول عليه الصلاة والسلام : ( أين كان الله قبل الخلق ؟ )
فأجاب : ( كان الله ولا شيء معه ) فسأله الأعرابي : ( والآن )
فرد النبي بقوله : ( هو الأن على ما كان عليه (،
أما الآخر فهو الباقي سبحانه بعد فناء خلقه ، الدائم بلا نهاية ،
وعن رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا الدعاء :
يا كائن قبل أن يكون أي شيء ، والمكون لكل شيء ،
والكائن بعدما لا يكون شيء ، أسألك بلحظة من لحظاتك الحافظات الغافرات الراجيات المنجيات
الظاهر الباطن
الله الظاهر لكثرة البراهين الظاهرة والدلائل على وجود إلهيته وثبوت ربوبيته وصحة وحدانية ،
والباطن سبحانه بمعنى المحتجب عن عيون خلقه ، وأن كنه حقيقته غير معلومة للخلق ،
هو الظاهر بنعمته الباطن برحمته ، الظاهر بالقدرة على كل شيء والباطن العالم بحقيقة كل شيء
ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :
اللهم رب السموات ورب الأرض ، ورب العرش العظيم ،
ربنا رب كل شيء ، فالق الحب و النوى ، منزل التوراة والإنجيل والقرآن ،
أعوذ بك من شر كل دابة أنت أخذ بناصيتها ،
اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ،
وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء أقض عنا الدين وأغننا من الفقر
الوالـي
الله الوالي هو المالك للأشياء ، المستولى عليها ، فهو المتفرد بتدبيرها أولا ،
والمتكفل والمنفذ للتدبير ثانيا ،
والقائم عليها بالإدانة والإبقاء ثالثا ،
هو المتولي أمور خلقه بالتدبير والقدرة والفعل ،
فهو سبحانه المالك للأشياء المتكفل بها القائم عليها بالإبقاء والمتفرد بتدبيرها ،
المتصرف بمشيئته فيها ، ويجرى عليها حكمه ، فلا والى للأمور سواه ،
واسم الوالي لم يرد في القرآن ولكن مجمع عليه
المتعالي
تقول اللغة يتعالى أي يترفع على ، الله المتعالي هو المتناهي في علو ذاته عن جميع مخلوقاته ،
المستغنى بوجوده عن جميع كائناته ، لم يخلق إلا بمحض الجود ، وتجلى أسمه الودود ،
هو الغنى عن عبادة العابدين ، الذي يوصل خيره لجميع العاملين ،
وقد ذكر اسم المتعالي في القرآن مرة واحدة في سورة الرعد : ( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ) ،
وقد جاء في الحديث الشريف ما يشعر باستحباب الإكثار من ذكر اسم المتعال فقال :
بئس عبد تخيل واختال ، ونسى الكبير المتعال
البر
البر في اللغة بفتح الباء هو فاعل الخير والمحسن ، وبكسر الباء هو الإحسان والتقوى
البر في حقه تعالى هو فاعل البر والإحسان ، هو الذي يحسن على السائلين بحسن عطائه،
ويتفضل على العابدين بجزيل جزائه ، لا يقطع إحسان بسبب العصيان ،
وهو الذي لا يصدر عنه القبيح ، وكل فعله مليح ، وهذا البر إما في الدنيا أو في الدين ،
في الدين بالإيمان والطاعة أو بإعطاء الثواب على كل ذلك ،
وأما في الدنيا فما قسم من الصحة والقوة والجاه والأولاد والأنصار وما هو خارج عن الحصر
التواب
التوبة لغويا بمعنى الرجوع ، ويقال تاب وأناب وآب ، فمن تاب لخوف العقوبة فهو صاحب توبة ،
ومن تاب طمعا في الثواب فهو صاحب إنابة ، ومن تاب مراعاة للأمر لا خوفا ولا طمعا فهو صاحب أوبة
والتواب في حق الله تعالى هو الذي يتوب على عبده ويوفقه إليها وييسرها له ،
ومالم يتب الله على العبد لا يتوب العبد ، فابتداء التوبة من الله تعالى بالحق ، وتمامها على العبد بالقبول ،
فإن وقع العبد في ذنب وعاد وتاب إلى الله رحب به ، ومن زل بعد ذلك وأعتذر عفي عنه وغفر ، ،
ولا يزال العبد توابا ، ولا يزال الرب غفارا
وحظ العبد من هذا الاسم أن يقبل أعذار المخطئين أو المذنبين من رعاياه وأصدقائه مرة بعد أخرى
المنتقم
الله المنتقم الذي يقسم ظهور الطغاة ويشدد العقوبة على العصاة وذلك بعد الإنذار بعد التمكين والإمهال ،
فإنه إذا عوجل بالعقوبة لم يمعن في المعصية فلم يستوجب غاية النكال في العقوبة
والله يغضب في حق خلقه بما لا يغضب في حق نفسه ، فينتقم لعباده بما لا ينتقم لنفسه في خاص حقه ،
فإنه إن عرفت أنه كريم رحيم فأعرف أنه منتقم شديد عظيم ،
وعن الفضل أنه قال : من خاف الله دله الخوف على كل خير
العفو
العفو له معنيان الأول : هو المحو والإزالة ،
و العفو في حق الله تعالى عبارة عن إزالة أثار الذنوب كلية فيمحوها من ديوان الكرام الكاتبين ،
ولا يطالبه بها يوم القيامة وينسيها من قلوبهم كيلا يخجلوا عند تذكرها ويثبت مكان كل سيئة حسنة
المعنى الثاني : هو الفضل ، أي هو الذي يعطى الكثير ، وفى الحديث : ( سلوا الله العفو و العافية )
والعافية هنا دفاع الله عن العبد ، والمعافاة أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك ،
أي يغنيك عنهم ويغنيهم عنك ، وبذلك صرف أذاك عنهم وأذاهم
عن وحظ العبد من الاسم أن يعفو عمن أساء إليه أو ظلمه وأن يحسن إلى من أساء إليه
الرؤوف
الرؤوف في اللغة هي الشديد الرحمة ، والرأفة هي نهاية الرحمة ،
و الروؤف في أسماء الله تعالى هو المتعطف على المذنبين بالتوبة ، وعلى أوليائه بالعصمة ،
ومن رحمته بعباده أن يصونهم عن موجبات عقوبته ، وإن عصمته عن الزلة أبلغ في باب الرحمن من غفرانه المعصية ،
وكم من عبد يرثى له الخلق بما به من الضر والفاقة وسوء الحال وهو في الحقيقة في نعمة تغبطه عليها الملائكة
وقيل أن نبيا شكي إلى الله تعالى الجوع والعرى والقمل ، فأوحى الله تعالى إليه : أما تعرف ما فعلت بك ؟
سددت عنك أبواب الشرك . ومن رحمته تعالى أن يصون العبد عن ملاحظة الأغيار فلا يرفع العبد حوائجه إلا إليه ،
وقد قال رجل لبعض الصالحين ألك حاجة ؟ فقال : لا حاجة بي إلى من لا يعلم حاجتي .
والفرق بين اسم الروؤف والرحيم أنه تعالى قدم الرؤوف على الرحيم والرأفة على الرحمة .
وحظ العبد من اسم الروؤف أن يكثر من ذكره حتى يصير عطوفا على الخاص والعام
ذاكرا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ,
و من قطع رجاء من ارتجاه قطع الله رجاءه يوم القيامة فلن يلج الجنة
مالك الملك
من أسماء الله تعالى الملك والمالك والمليك ، ومالك الملك والملكوت ،
مالك الملك هو المتصرف في ملكه كيف يشاء ولا راد لحكمه ، ولا معقب لأمره ،
والوجود كله من جميع مراتبه مملكة واحدة لمالك واحد هو الله تعالى ،
هو الملك الحقيقي المتصرف بما شاء كيف شاء ، إيجادا وإعدتما ،
إحياء وإماتة ، تعذيبا وإثابة من غير مشارك ولا ممانع ،
ومن أدب المؤمن مع اسم مالك الملك أن يكثر من ذكره وبذلك يغنيه الله عن الناس
وروى عن سفيان بن عينه قال: بين أنا أطوف بالبيت
إذ رأيت رجلا وقع في قلبي أنه من عباد الله المخلصين فدنوت منه
فقلت: هل تقول شيئا ينفعني الله به؟ فلم يرد جوابا، ومشى في طوافه،
فلما فرغ صلى خلف المقام ركعتين، ثم دخل للحجر فجلس،
فجلست إليه فقلت: هل تقول شيئا ينفعني الله به؟
فقال: هل تدرون ما قال ربكم:
أنا الحى الذي لا أموت هلموا أطيعوني أجعلكم ملوكا لا تزولون،
أنا الملك الذي إذا أردت شيئا قلت له كن فيكون
ذو الجلال والإكرام
ذو الجلال والإكرام أسم من أسماء الله الحسنى،
هو الذي لا جلال ولا كمال إلا وهو له ،
ولا كرامة ولا مكرومة إلا وهى صادرة منه ،
فالجلال له في ذاته الكرامة فائضة منه على خلقه،
وفى تقديم لفظ الجلال على لفظ الإكرام سر ،
وهو إن الجلال إشارة إلى التنزيه ،
وأما الإكرام فإضافة ولابد فيها من المضافين ،
والإكرام قريب من معنى الإنعام إلا أنه أخص منه ،
لأنه ينعم على من لا يكرم ، ولا يكرم على من ينعم عليه ،
وقد قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مارا في طريق
إذ رأفة إعرابيا يقول :
( اللهم إني أسألك باسمك الأعظم العظيم ، الحنان المنان ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام )
، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
إنه دعي باسم الله الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أجاب ) ،
ومتى أكثر العبد من ذكره صار جليل القدر بين العوالم ، ومن عرف جلال الله تواضع له وتذلل
المقسط
المقسط في حق الله تعالى هو العادل في الأحكام ، الذي ينتصف للمظلوم من الظالم،
وكاله في أن يضيف إلى إرضاء المظلوم إرضاء الظالم، وذلك غاية العدل والإنصاف، ولا يقدر عليه إلا الله تعالى،
وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحديث بينما رسول الله جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه ،
فقال عمر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما الذي أضحكك؟ قال: رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة فقال أحدهما
( يتربى خذ مظلمتي من هذا ) فقال الله عز وجل: رد على أخيك مظلمته، فقال ( يا ربى لم يبق من حسناتي شيء)
فقال عز وجل للطالب: (كيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟) فقال ( يا ربى فليحمل عنى أوزاري )
ثم فاضت عينا رسول الله بالبكاء، وقال: ( إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس أن يحمل عنهم أوزارهم)
قال فيقول الله عز جل _ أي للمتظلم _ ( أرفع بصرك فانظر في الجنان )،
فقال)يا ربى أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ ،لأي نبي هذا ؟ أو لأي صديق هذا؟ أو لأي شهيد هذا ؟ )
قال الله تعالى عز وجل ( لمن أعطى الثمن ) فقال يا ربى ومن يملك ذلك؟ قال :أنت تملكه، فقال: بماذا يا ربى؟
فقال بعفوك عن أخيك، فقال: يا ربى قد عفوت عنه،قال عز وجل: خذ بيد أخيك فأدخله الجنة،
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ، فإن الله يعدل بين المؤمنين يوم القيامة
الجامع
تقول اللغة إن الجمع هو ضم الشيء بتقريب بعضه من بعض، ويوم الجمع هو يوم القيامة ،
لأن الله يجمع فيه بين الأولين والآخرين ، من الأنس والجن ، وجميع أهل السماء والأرض ،
وبين كل عبد وعمله ، وبين الظالم والمظلوم ، وبين كل نبي وأمته ، وبين ثواب أهل الطاعة وعقاب أهل المعصية
الله الجامع لأنه جمع الكمالات كلها ذاتا ووصفا وفعلا ،
والله الجامع والمؤلف بين المتماثلات والمتباينات والمتضادات ،
والمتماثلات مثل جمعه الخلق الكثير من الأنس على ظهر الأرض وحشره إياهم في صعيد القيامة ،
وأما المتباينات فمثل جمعه بين السموات والأرض والكواكب ، والأرض والهواء والبحار ،
وكل ذلك متباين الأشكال والألوان والطعوم والأوصاف ،
وأما المتضادات فمثل جمعه بين الحرارة والبرودة ، والرطوبة واليبوسة ،
والله الجامع قلوب أوليائه إلى شهود تقديره ليتخلصوا من أسباب التفرقة ، ولينظروا إلى الحادثات بعين التقدير،
إن كانت نعمة علموا أن الله تعالى معطيها ، وإن كانت بلية علموا أنه كاشفها
الجامع من العباد هو من كملت معرفته وحسنت سيرته ، هو من لا يطفىء نور معرفته نور ورعه ،
ومن جمع بين البصر والبصيرة